بداية لا يجوز للمرأة الحائض أن تؤدي الصلاة او الصيام فقد أعطاها الله سبحانه وتعالى الرخصة بذلك ونظراً لأن أي شيء فرضه الله سواء أمرنا به أو نهانا عنه فله حكمة في ذلك ودلالة من هذا ، فالله أعلم بما يضر وينفع فالصلاة لها فوائدها الكثيرة وقد فرضها الله لضرورتها وفوائدها الوفيرة وحرم الحائض آدائها أيضا لتفادي أضرار قد تلحق بها وكان الله بالسر عليم ،
ولكن هذا لايمنع تبيان هذه الحكمة من المنع من الوجهة الشرعية .
رأى الشرع فى الحكمة من منع الحائض من الصلاة والصيام
السؤال : السلام عليكم و رحمة الله ، ما هو سبب منع المرأة الصلاة في وقت الحيض؟ لقد جادلني في ذلك الكثير من الناس ، ولا أجد جوابا لهذا السؤال ، ولا يمكن أن يكون الجواب هو عدم الطهارة ، لأن الصيام ممنوع كذلك - أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الإجابــة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد :
فالمرأة ممنوعة من الصلاة وقت الحيض بالنص والإجماع ، وذلك لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة ، وذلك منتفٍ بالحيض ، قال : لا تقبل صلاة بغير طهور. رواه مسلم.
وقال الله في الحيض ومنافاته للطهارة: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } [البقرة:222].
وأما الصوم فمن العلماء من قال إن منع الحائض منه أمر غير معقول المعنى ، ومنهم من التمس وجه المنع ، فقد نقل الشافعية عن إمام الحرمين قوله : وكون الصوم لا يصح منها : لا يدرك معناه ؛ لأن الطهارة ليست مشروطة فيه.
قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب (2/382) : قوله : ( لا يدرك معناه) والصحيح أنه أمر معقول المعنى ، وذلك لأن الحيض يضعف البدن ، والصوم يضعفه ، واجتماع مضعفين يُضر ضررًا شديدًا ، والشارع ناظر لحفظ الأبدان. اهـ
ومن تمام الفائدة نقول : إن الشرع أمر الحائض بقضاء الصوم دون الصلاة ، وذلك لمشقة قضاء الصلاة لتكررها ، ولتحصيل مصلحة الصوم وفائدته ، قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (2/46) : وأما إيجاب الصوم على الحائض دون الصلاة : فمن تمام محاسن الشريعة وحكمتها ورعايتها لمصالح المكلفين؛ فإن الحيض لما كان منافيًّا للعبادة لم يشرع فيه فعلها، وكان في صلاتها أيام الطهر ما يغنيها عن صلاة أيام الحيض ، فيحصل لها مصلحة الصلاة في زمن الطهر ؛ لتكررها كل يوم ، بخلاف الصوم فإنه لا يتكرر ، وهو شهر واحد في العام ، فلو سقط عنها فعله بالحيض لم يكن لها سبيل إلى تدارك نظيره ، وفاتت عليها مصلحته ، فوجب عليها أن تصوم شهرًا في طهرها ؛ لتحصل مصلحة الصوم التي هي من تمام رحمة الله بعبده، وإحسانه إليه بشرعه وبالله التوفيق. اهـ
ولا يخفى أن العبد مطالب بالامتثال ، سواء علم الحكمة أو جهلها ، كما قال سبحانه : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً } [الأحزاب:36].
ولهذا لما سُئلت السيدة عائشة ا : ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.؟ قالت للسائلة : أحرورية أنت؟ ثم قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. فأحالت على الأمر الشرعي ولم تشر إلى الحكمة.